أكاليل الجبل
الكاتب / د . صلاح عبدالله العرابي
حنان رمادي قد تدركه خطاه وهو يتذكر ممرات صوته المُتَهَدِّج يعبُر نحو رخام العمر وبالرغم من ذلك فلم يحاول أن يمل من صفو بقائه بين مَدٍّ وجزر ففضاء الترجِّي لديه صداه لازال سعيد يصحو على حلم من سحائب أملٍ تُطيل التمني ولا يغفو يجوف ركن دامعٍ فيه يأسٌ سقيم. فبقايا الأمنيات لم يجف دمعها في عينيه وكيف لها أن تتمزق وذاكرة الفرح توشوش عطر البنفسج وتحتل لافتة الشواطىء. تلك الشواطىء الماعِنه في الصمت الفارح والتي تحتضن ظلال الأمل الفاره وهدير الأحلام وهديل البلابل. ظلَّ يُردِّدْ بصوت يعشق السكوت أغنية الكرز الحافل بالزهر الماطر”أخرجي أيتها السعاده من بين ضفَّتَيْ أعواد السنابل وأطلقي قيد يدي فقد أشهقته أشلاء السلاسل..
كيف لي أن أنسج الكلمات وخاصرتي تحتضن المهازل.. أيها الفجر المُدَثَّر بالشفق الأبيض والعشب الأخضر توقف ولاتزول فرقصة السحب قد ذابت ولابدائل" وبينما كان يُحَمْلِق باتجاه الريح سارع بشكل عفوي بإحتواء ماقد يرغبه عبر درجاتٍ قد تطول وتقصر في إلتواءة خطواتها. كان فرحاً مختالاً بأن يُصادف بصدق ينبوع الهواء البارد النابع بإرتقاء من رابية الجبل فحرارة ذلك التيه لازالت تشوبه نشوة الإشتياق ولم تُسعفه حينها رئتيه على تعمق زفيره وشهيقه إلى الحد الذي يكون طبيعياً لتدارك زمام تنفسه وبالرغم من ذلك فقد كانت البهجه غائره في عينيه. هو لاجدال راكض نحو اتساع القمه وفي يديه مايرغبه ولكن أين تقع مسافة ركضه من مساحة هدفه؟ وهل لحظات رغبته في ما قد يصل إليه يحددها فقط نقاط زمن ٍقد تكون محسوبة عليه؟ أيعتبر ذلك شتات أملٍ كافي ليحقق مايرمي إليه؟ لازالت خطواته في أدنى ركن لها من زاوية الوادي وهو ليس بمأمن من ضياء شاحب قد يطفىء ما شيَّدَتْه سعادته المثمرة بالعجل. قد يكون فطناً لمايعتريه وما قد يتصدى له لكن زنابقه الثائره بحماس وهو ينشُد أُغنيتها على ماقد يرغبه فقط قد تقوده إلى أن يسلم طريقاً قد يُدمي تفكيره أو يشنُق خجله ذلك الخجل الدَّال على نقاء السريرة وصفاء المشرب. لازال يركض نحو مبتغاه وقد تزوَّد باليسير فكل أمله في أن ترتاح جفنيه في ظل عريشٍ من الأعناب تحت أعتاب حدائق ثمارها يانعه ليداعب بعد ذلك ندى الزنابق البيضاء وهي تخرج لتوها وقت الفلق من رحيق الماء المُعَفَّر بأكاليل الجبل. لازال يركض نحو مجاهل الدرب وشتات المسيره وحينها قد يتقبل العوم في الوحل ويجذبه ذلك نحو الأعمق وينتهي زفيره الثائر بحماس من حيث لايدري وحينها أشك كثيراً في أن يعزف سيمفونية الفجر الوليد في زهره الحافل أشك في أن يعرف ظنونه التي حملها معه من بداية شرفة الأمس وأهداب التعب ذلك التعب المفتوح على مجرى النسيان وأروقة الغيم النزيه ومحاجرٍ ثكلى بعزفٍ مُنفرد.