بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الأحد, 11 أكتوبر 2020 08:49 صباحًا 0 868 0
**في كل إنسان تعرفه إنسان لا تعرفه**
**في كل إنسان تعرفه إنسان لا تعرفه**

**في كل إنسان تعرفه إنسان لا تعرفه**
 

الكاتبة / روان الحجوري 

 

 

يستظهر الناس باطني من خلال ما يرونه بي حين أشاركهم النقاشات والأحاديث، حين أُفصح عمّا أحب وعمّا أكره، حين أكشف لهم ما أودّه -أنا- أن يُكشف،

تتكوّن لديهم انطباعات عديدة لكنّها حتمًا لا تعني المعرفة المحضة؛ نعم قد تعرف عنّي لكنّك لا تعرفني حقًّا،

حين أعود لبداية الأمر وقبل امتداد حبال العلاقات بيني وبين أحدٍ ما، يجدني الناس مُخيفة أو واجمة لا أسمح باقتراب،

لطالما أخبرني الأصدقاء أن لي وجهًا جادّا وملامح لا تُفهم؛ أبتسم من تكرار هذه الحقيقة علي وأؤيدها في رأي لا يستدعي أن ملامحي فعلًا تُوصِل ما أردتّ،

حين تنشأ العلاقة أيضًا أو بالأحرى بعد نشوءها، يجدني البعض صامتة وربّما مملة، وحين أنهال بحديث طويل أفقد سيطرتي معه يتفاجؤون بأنّي فعلًا أستطيع الكلام *وجه ضاحِك*

آخرين يسألونني في صدق حميم؛ روان متى تُغلقين فمك؟ وأضحك في إجابة طويلة يكاد يندم عليها السؤال،

من يعرفني حقًا؟ ومن يدري إن كنت فضّلت الصمت أم كان اضطراري، ومن يعرف أنّ طول سردي ما كان إلا لملء الفراغ وربّما لأني حقًّا أحبّ الكلام؟

حين أستيقظ على رسائل الإفصاح المتوّجة بأماني الاقتراب منّي، أشعر بأسى 
حين أحار في حديثي الطويل فأسكبه على من لا يفقه ما أقول، أشعر بأسى

لكنّ الذي يضحكني بحق حين تسقط على طاولة الاعتراف: "روان أنا أعرفك"

هذه الجملة التي لا أستطيع أنا أن أقولها لنفسي، يلوّح بها أشخاص كعلامات نصر أو ربّما هو شيء لا يستدعي حتى المحاولة، وهنا أضحك وليس من صفتي أن أُبطل متعة النصر لذلك تكن إجابتي: نعم لقد عرفتني .

لكنّ قاعدة الاستثناء تحتضن بأمانها قلبًا يعرفك؛ وبصورة أدق هو يحبّ أن يعرفك فتراه يحويك ويفهمك دون أن يخبرك أو تكون غايته أن يعرفك فقط؛ ثمّ يُحيي كل ما أردتّ أن تكونه لتكون أنت، 

يعود السؤال من أنا؟ وأيهم الإنسان الذي أريده؟ ولا يصير الأمر إلا لعدم المعرفة،

يقول الرافعي: "ما دام لكل إنسان باطن لا يشركه فيه إلا الغيب وحده ، ففي كل إنسان تعرفه إنسان لا تعرفه"

لم أُغلق الحديث بعد؛ سأتابعه في مقال آخر ربّما يعرفني.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق