هوس الإرسال ..
الكاتبة / فائزة الجهني
لن يفوتك شيء في هذا الزمن ، و لن تحتاج لمتابعة التلفاز لتعرف الأخبار ، ستصلك وأنت في مكانك جميع الأخبار والأحداث الكبيرة والصغيرة ، الصحيحة والكاذبة والأغلب " السخيفة والتافهة " !
لقد بات من المألوف جداً أن تجد رسالة حتى " التافهة منها " وقد اجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي ؛ الواتس أب ، سناب شات ، تويتر ، انستغرام .. إلى آخره.
تفتح هذا التطبيق فتجد خبراً ، وتذهب لتطبيق آخر لتجد الخبر نفسه !
افتقدنا " الدهشة " عند سماع الأخبار ، وافتقدنا متعة البحث عن خبر ، افتقدنا إحساسنا وتأثرنا بما نسمع بسبب كثرة ما يصلنا من أخبار ونكتشف فيما بعد " أنها غير صحيحة "!
أكاد أجزم بأن الأغلب منّا قد وصلته رسالة ما من شخص وبعدها بدقائق وصلته رسالة أخرى تنفي وتكذّب هذا الخبر ، ومن نفس الشخص أحياناً !
هذا الشيء لا يدعو للسخرية لأنه صار أمراً مألوفاً جداً !
بل علينا أن نسخر من أنفسنا بسبب استمرارنا على هذا الحال !
" مجموعات الواتس أب " الرسائل فيها صارت متشابهة بالرغم من إختلاف الأعضاء واهتماماتهم ، ما تجده هنا ، تجده هناك ! لم تعد ذات قيمة إلاّ ما ندر منها !
" هوس الإرسال " والسباق في نشر الرسائل لجميع المجموعات ولكل من في قائمة جهات الإتصال صار شيئاً مهماً لدى البعض ! بل أصبح جزءاً من " روتينه " اليومي وعمله الذي يشعر بالسعادة لإنجازه !
ولا يهم نوع الرسائل ولا مضمونها ! المهم هو أن تستمر في الإرسال لتثبت للجميع أنك لا تزال على قيد الحياة ! ومن لا يرسل سيُتهم بالتقصير وبأنه عضو " غير فعال " ولا فائدة منه !
إلى متى نستمر في هذا الهراء ؟ متى نتوقف ؟
هل سألت نفسك يوماً ؛ ما الذي سيحدث إذا لم أرسل هذه الرسائل ؟ هل سينتهي العالم وتتوقف الحياة إذا توقفت عن الإرسال ؟
وهل تعلم أنه عندما تتوقف عن إرسال هذه الرسائل يوماً أو يومين تكون قد قدمت معروفاً لغيرك لأنك وفرّت له جزءاً من وقته !
الوقت صار يُسرق منّا دون أن نشعر بسبب هذا الكم الهائل من الرسائل ! و لو أننا قضينا ربع هذا الوقت في قراءة كتاب بدلاً من قراءة هذه الرسائل التافهة لكان أجدى وأنفع !
وفرّوا أوقاتكم ، وحافظوا على ما تبقى من عقولكم من هذا التشتت ! افتحوا كتاباً واستمتعوا ..