بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الأثنين, 06 مايو 2019 01:17 صباحًا 0 517 0
لا نهضة إلا بالصناعة
لا نهضة إلا بالصناعة

السلام عليكم ورحمة الله 

سلسلة مبادرة " لا نهضة إلا بالصناعة " 7 

ومقال هذا الاسبوع بعنوان : 

" الخروج من عنق الزجاجة " 

الكاتب / البروفيسور-محمد البصنوي 

 


إن التعليم في المملكة يعاني من عدم وجود استراتيجية لتوفير العمالة اللازمة لتحقيق أي نهضة صناعية بالبلاد، ورغم ارتفاع نسبة البطالة ل 12.7 ٪ وفقا لهيئة الإحصاءات العامة ، إلا أننا لدينا عمالة وافدة تتجاوز الـ 8 ملايين، وهذا يرجع إلى تدني نظرة المجتمع إلى التعليم الفني وقلة الملتحقين به، والإقبال بشكل كبير على التعليم العالي، وتشير التقديرات إلى 63% من طلاب الجامعات منخرطون في تخصصات تربوية وعلوم إنسانية واجتماعية ودراسات إسلامية لا تتلاءم مع سوق العمل ولا يقبلها القطاع الخاص.

ولعل من المفارقات العجيبة في بلدنا أن زيادة البطالة مقترنة بزيادة التعليم، فلك أن تعلم أن أعلى نسبة للمتعطلين وفقا للحالة التعليمية الحاصلين على شهادة البكالوريوس بنسبة 54%، بينما جاء في المرتبة الثانية الحاصلين على الشهادة الثانوية بنسبة 32%، وجاء في المرتبة الثالثة الحاصلين على الشهادات المتوسطة بنسبة 6.2%، والحاصلين على الابتدائية بنسبة 2.7%، في حين شكل من لم يحصل على أي شهادة 0.2% من العاطلين، وفقا للهيئة العامة للإحصاء، وهو ما يعني أنه كلما حصل المواطن على قسط أكبر من التعليم زادت فرصته في البطالة، وهذا مالا نجده في أي مكان في العالم. وذلك كله يرجع لعدم وجود سياسة تعليمية في البلاد تعمل على أن تكون مخرجات التعليم مناسبة لسوق العمل.

إن وجود ما يقارب ثمانية ملايين من العمالة الأجنبية بما يصل لـ 30% من سكان المملكة مع وجود بطالة تتجاوز الـ  12.7% شيء غير مقبول، خاصة أن هذا الأمر له أضرار اجتماعية وأمنية وصحية وأخلاقية، ليس هذا فحسب بل يشكل نزيفا اقتصاديا إذا علمنا أن ما تم تحويله إلى خارج البلاد 156 مليار ريال وفقا لصندوق النقد السعودي خلال عام 2015، وهذه الأموال كان بالإمكان توفير الكثير منها من خلال ترشيد تلك العمالة والإبقاء على الضروري منها، والباقي يتم إحلاله بالسعوديين بعد إتاحة الفرصة لهم أما بالتدريب أو التثقيف أو الإقناع.
ولكي لا يأتينا ناقد ويخبرنا بأن هذه الارقام تغيرت مع الانظمة الجديدة ، فسوف ندع اخبار مئات الوف التأشيرات الصادرة من مكتب العمل والاقامات الجديدة من الجوازات كفيلة بالرد عليه ، وانه مايخرج من اجانب ياليمين فهو يعود بصفة مختلفة باليسار .

إن وجود استراتيجية بين وزارة التعليم والتدريب المهني لتحديد احتياجنا من العمالة الخاصة بالقطاع الصناعي مطلب وطني حساس للغاية، ويكون ذلك من خلال تحديد عدد الطلاب الملتحقين بالتخصصات التقنية والمهنية، وعدد الطلاب الملتحقين بالتخصصات النظرية طبقا لاحتياجات سوق العمل، وهذا من شأنه أن يحول الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة إلى الاعتماد على العمالة الوطنية، خاصة أن السعوديين يمثلون حاليا أقل من 13.4% من إجمالي العاملين في شركات القطاع الخاص المحلي، وفقا لبيانات وزارة العمل.

ولعل غياب التنسيق بين وزارة العمل ووزارة التعليم العالي، هو ما تسبب في حدوث بطالة في المملكة بشكل تراكمي تجاوز النصف مليون مواطن، وإذا أردنا أن نوضح بمثال بسيط الأضرار التي نعاني منها بسبب عدم التنسيق بين الوزارات المختلفة، فلنا أن نتخيل أن شخص ما ذهب لمصنع سيارات، وطلب منه صناعة سيارة بمواصفات معينة، وبعد ذلك تم توزيع هذه المواصفات على أقسام المصنع دون تنسيق، فقام القسم المالي بتحديد ميزانية تسمح بصناعة دراجة بخارية، وقام القسم الهندسي بوضع جدول زمني بالكاد يسمح بإنتاج دراجة هوائية، ونتيجة لعدم وجود تنسيق بين أقسام المصنع، ما الذي يمكن أن يحصل عليه العميل؟ سيحصل على شيء مخالف تماما للسيارة التي طلبها، ربما نستغرب ذلك النموذج، ولكنه يحدث كثيرا، إذ يقول عميل ما «هذا شيء مختلف تماما عما كنت أريده، وإذا كان هذا حدث في مصنع ما نتيجة عدم التنسيق بين أقسامه المختلفة، فلنا أن نتخيل حجم «الكارثة» التي نعاني منها بسبب عدم التنسيق بين الوزارات المختلفة».

ومن الضروري التركيز على الحد من نسب القبول في الجامعات، والتركيز على التعليم المهني والتقني، لأنه أساس أي تنمية صناعية في أي بلد متقدم، فها هي سنغافورة يعتبر معدل الالتحاق بالجامعة منخفضا أقل من 30% لضمان عدم تخريج طلاب يحملون مؤهلات أكثر من احتياج سوق العمل، ويؤكد وزير التنمية الوطنية (خاو بون وان) هذا المبدأ بقوله «هل تريد البلاد كلها من خريجي الجامعات؟ أنا لست على يقين من ذلك، لكن ما لا نريده هو خلق بطالة كبيرة من خريجي الجامعات.

وأخيرا لا بد من التأكيد على أن التوسع في التعليم الفني سيحدث نهضة صناعية لا مثيل لها في تاريخنا، لأن إدخال هذه الأعداد الضخمة للجامعات يعني استثمار فوق الحاجة، وتأجيل للمشكلة، وأشير لمقولة «ليم تشوان بوه» رئيس الوكالة السنغافورية للعلوم والتكنولوجيا: أسوأ شيء يمكن أن تصنعه الدولة لنفسها هو أعداد كبيرة من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، لأنهم الأقدر على إحداث أكبر إزعاج وخلق أصعب المتاعب، إن عدم وجود مبادرة للتوسع في التعليم المهني والتقني للخروج من مرحلة عنق الزجاجة يعني أننا نسير نحو مستقبل مجهول!

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق