قال الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾
[سورة الأنبياء الآية: 30]
 تأتي مبادرة "سبيل"  لسقيا الماء كأرث تاريخي حضاري بالمدينة المنورة  ضمن سلسلة من مبادرات تتوالى - .
 و يأتي الإعلان عن مبادرة "سبيل"  والتي تبنتها  وأطلقتها هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة وبرعاية مباشرة من صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة حفظه الله تعالى  في سلسلة مبادرات ومشاريع نتلمسها واقعا يوما بعد يوم ، وفي خطى حثيثة لأنسنة المدينة المنورة ، وجعلها  نموذجا حضاريا يستمد عراقته من الماضي المجيد لأول عاصمة إسلامية،  و التي منها انطلقت المبادرات الحيوية و الحضارية في جميع أنحاء العالم الإسلامي .
فسبيل الماء بالعالم الاسلامي علامة مميزة للحضارة التي أنشأها المسلمون في كل مكان انيرت أركانه بنور الإسلام و روحه  و لا شك أن سقيا الماء  يعتبر  من أهم الصدقات في الإسلام. 
فعند زيارتنا لعدد من الدول  والمدن الاسلامية بصفة خاصة نلحظ توفر الأسبلة (جمع سبيل ماء) وقد جعلت سقيا للناس - طلبا للأجر -بأشكال فنية و مواد بناء ذات نوعيات  متعددة ، منها ما كان من الرخام  او الحجر الطبيعي او الاستيل والنحاس،  و ذات تصاميم جمالية و بمواصفات فنية، و نجدها دوما  تحظى بالعناية و نظيفة ، والمياه التي تنبع منها نقية  تدعو المارين للشرب منها وان لم يكونوا عطاشا.
لقد وجدت الأسبلة منذ عهود إسلامية سابقة 
 و فيما تبقى من مدن الأندلس لا يزال اثرها قائما  بنظامه القديم  إلى جانب المحدث منه والمطور  ، وكذلك في تركيا  نجدها بكل مدينة فيها و كل قرية. حتى في لبنان ومصر وفلسطين وغيرها من الدول  يجد الزائر العديد منها بأشكال وأحجام  و تصاميم  جذابة .
ولا شك اننا في بلادنا  ذات درجات الحرارة العالية معظم أشهر السنة  ، نجد أننا الأولى والأجدر بإعادة إحياء الأسبلة لسقيا الماء ، و هي أجمل وأفضل من برادات الماء المعدنية التي تشبه الدولاب ، وغالبا ما ينالها الإهمال  ويعلوها الصدأ او تكون سيئة المظهر والمخبر- الا ما رحم ربي 
-  ولا  تدري هل  الماء الموصل اليها  هو ماء  نقي أم لا ؟
ها وقد أعلنت المبادرة لجعل  سبيل الماء مبادرة إنسانية ، وبشراكة مجتمعية ورعاية رسمية بمدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -للمارين والعابرين من الزوار والحجاج والمعتمرين
باشكال وتصاميم ومواصفات فنية وخامات  تليق بمدينتنا الحبيبة .
بوركتم يا من تسعون لأنسنة المدينة وإعادة الوجه الحضاري لها بمبادرات  راقية بالمدينة المنورة وأهلها.

جمال بنت عبد الله السعدي 
رئيس رواق أديبات ومثقفات المدينة المنورة