بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

السبت, 27 مارس 2021 09:09 صباحًا 2 438 0
السُّهاف
السُّهاف

السُّهاف


الكاتب / د - صلاح عبدالله العرابي


عانقت أصواتها دموع المغيب وهي تردد ماتبقى في يديها من شجن ٍقد يجرح مقلتيها في زحام زمن مهيب فقد تأملت بكل حواسها تلك المسافة التي أوشكت أن تُزهر على اغفاءة ذلك الهجير القاحل.. تأملتها وهي في عناقٍ بطيء مع مرآة عناقيد وجودها التي غابت في خشوعٍ مُتعب يحاول أن يحظى برقصة القطاف التي قد تشرق من نبع الترحال السعيد. ليس وهماً أن تدرك ذلك  وترحل في ذكرى ذلك الفضاء الناضج في لُجَّة التيه وهي تسأل خطاها عن دياجير التغرّب لمن هو ليس غريباً عنها وإنما متوهج ومبثوث داخل هجرة أوردتها كنبضٍ  يشتهي أكاليل السحاب ويتهجى صحو سيرته في نبع الورد وأهداب الحنين. فلقد مضت تلك اليانعة وهي تسكب بوحها الساحر على انتشاءة الماء العذب واكتاف اليقين. مضى ذلك العفاف نحو آفاق السعادة اللامتناهية ربما إلى شمال سعيد أو جنوب أجذل في ظل مشاعر وضاءة تبعد عنها أشلاء الظل لتنشر اللقاء الصادق والعشق الدفين..مضت وهي تلتحف السماء بنداء مدهش يتوق إلى هدير البحر وشهوة البكاء الحزين.. مضت وهي توغل في المدى نحو الصدى لتورق الأحلام في ضوء الندى.. مضت كالنسيم الهفاف فرحة بالرغم من لوعة ترحها المشوبة بعاصفة الشتات عن وكرها الطبيعي المتأرجح بين نغمات صيفها وهدهدة ذلك       الشدو الشجين الذي يحبو فوق هام السحب وضباب حوله ولامطر مبين !! ألم قد يصدها عن البوح المطلق لذاتية منطقها وهي تعلم تماماً بأنها مثل تلك التي هاجرت.. ارتاحت قليلاً مع نغماتها الخافقة ومع ذكرى تلك التي رحلت على أمل العودة لتتبصر الأشياء بعينيها المجردة بعيداً عن مادية اللهاث.. سكون انكفأ عليها يعشق الهدوء وهدوء وصلت إليه لملم خشيتها..         بحثت قناديل ترابها منذ زمن عن مرتع رطب قرب شجرة الدراق لتقطف ثمره.. آهٍ ما أروع تلك الرائحة النابعة من باقة الجليل والأذخر والعرعر.. سمعت حينذاك خرير تلك المياه المنسكبة في بحر أذنيها بجلاء فأنين الزمن المفلوج لامكان له عندها في عالم البداهة وآهات البؤس لا طريق لها في عالم فطرتها.. حياة منها وفيها الحياة.. لغز تتيبس منه فواصل كل الكلمات ومفاصل قادرة على أن تعطي كل شيء بلا حدود.. تُرى هل تطغى السعادة التي تملكت أخيراً زمام حيرتها على شفافية مهجتها الحزينة.. ربما كذلك وربما تنسحب أغادير ماتفكر فيه بإمعان على أوجه مختلفة وملونة تحتار فيها ولاتختار منها لأنها تبحث عن الحقيقة عبر مراكب اللامعقول حتى ولو كانت غير مورقة.. هي كذلك تحاول أن تستجدي أنقاض أفقها وأن تعبر عن بسمة فجرها بدعاءٍ فرح توأمه الأمل على أرضية معطاءة مخضرة ألوانها متألقة كماهي وكتلك التي ماجت.. هي لاتأبه لكل ماهو قادم إليها من تلك الشفاه الكادرة المنطفئة لأن في قلبها سَهَفٌ لكل أحداق الرحيق حين يهفو للسهر بلا ضجر وطهر رونقها ينثر رؤاها العطرة على مساحة ركضها بين أفياء ظلالها ونفسها الطاهرة المُنتشية بهمس عبيرها على أنغام ألوانها الهادئة وهي تخفق كما في تلك التي في مخيلتها بين قمرٍ انحنى عليها وشفقٍ زال لتوه بخيوطه الرائعة عنها .. ومايزيد من رهافة إحساسها الفطري هو بهاء فلقها في عودة تلك التي تحيا من أجلها بعد رحلةٍ مُضنية إلى حيث مكانها الدافىء فهل سوف يستوعبها ذلك الثرى ؟! أم أن صداها تُنيره الثُريا للقرب منها!! وكيف لها ذلك وهي ترشح بالحياة.. ترشح بالحُلُم السعيد ولهفة الحُسن الوليد وذلك أجمل ما في أنسام الربيع حينما يتوسد دهشتها عبق الوجد الوحيد وبهجة اللحن الفريد ذلك اللحن الخالد بين أكتاف الطيفِ ويقين النبضِ في كل حلمٍ بعيد !!

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق