بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الاربعاء, 04 نوفمبر 2020 03:45 مساءً 3 589 0
عندما ينتهي الحديث..
عندما ينتهي الحديث..

عندما ينتهي الحديث ..


 الكاتب/أنس بن محمد الجعوان
    كاتب صحفي ومستشار تدريبي ..


قي الدول التي فيها الكثير من التقلبات الجوية يكون الحديث بين الناس عن هذه التقلبات التي قد تتغير في اليوم أكثر من أربع مرات وعندما يكون الاجتماع مع الآخرين يتم البدء في الحديث عن هذه التقلبات ومتى يأتي المطر ومتى تزول العاصفة الرعدية أو متى تعود الشمس بالدفء وهكذا هو المجال أيضاً للحديث في الصيف عندما يشتد الحر فيكون بداية الحديث عن الحر وشدته أو في الشتاء عندما يزداد البرد فتكون الشكوى من البرد وعن الخوف من الأمراض وغيره وعندما تحصل جائحة مثل هذه الجائحة التي نمر بها قد تكون بداية لبعض اللقاءات وتجد الجميع مثقف في هذا المجال ولديه من المعارف والإشاعات الكثير ..
وقدجبلنا جميعاً على حب التواصل والحديث مع بعضنا البعض حتى لو كان مع شخص لا نعرفه إلتقينا به في مكان ما أو جمعتنا به الصدفة في صالة إنتظار صامتة لايوجد بها شيء للإنشغال به ، وقد تكون بداية الحديث لجذب الإنتباه  وفتح المجال للتواصل وقطع الوقت بالكلام وهنا تأتي الخبرة في هذا المجال والجملة الأولى قد تكون هي بداية الطريق لتواصل قد يطول أو ينقص وتتنوع فيه مجالات الحديث حسب المكان أو الوقت أو الشخصيات  والهدف من ذلك ليس التعارف بصفة خاصة وإنما قطع الوقت في الحديث إن لم تكن الأجهزة الذكية هي ما يسرق أوقاتنا وعلاقاتنا ،وغالباً إذا لم يوجد حديث يكون الحديث في الآخرين أو عن نفس المكان الذي جمعتهم الصدفة فيه ،وقد يتناول الحديث جوانب سلبية أو إيجابية أو إنتقاد وغيبة ونميمة وهنا ينقلب الحديث إلى الناحية الخاطئة والمحظورة وقد يجد البعض أن الحديث مع الآخرين هو عبارة عن تقطيع للحوم الآخرين والدخول في نياتهم وخصوصياتهم ، ماذا لو تمت الإستفادة من هذا الوقت الثمين بعد السلام على الآخرين في قراءة القرآن أو قراءة كتاب مفيد هادف أو الإستماع للصوتيات المفيدة أو إستغلال وقت الإنتظار في الإستغفار؟.
وفي مجال العمل يجتمع الزملاء أو الزميلات مع بعضهم كل يوم وفي أول يوم يتحدثون عن مواضيع مختلفة وفي اليوم الثاني أيضاً وهكذا حتى ينتهي الحديث وتنتهي معه المتعة والفائدة وقد يجد البعض نفسه مجبراً على التحدث عندما تنتهي كل المواضيع فيبدأ التقطيع في أعراض الناس وفي غيبتهم وفي الحديث عن شركاء المهنة وعن الناجحين كيف نجحوا بواسطة وأنهم لا يستحقون وعن فلان الذي حصل على ترقية بواسطة اللف والدوران وعن فلان الآخر الذي حصل على دورة وهو لا يستحق ذلك وعن الآخر الذي اشترى سيارة وأنها لا تناسبه، وقد يجد البعض نفسه مجبراً بالحديث خلال وقت العمل الذي يتجاوز الست ساعات أو أقل  مع الإقلال في المجهود والإنتاجية يتم البحث عن الحديث بعد أن تنتهي كل الأحاديث.
ماذا لو تم التفكير في عمل مبادارات في العمل أوالسماح للموظف بقراءة كتاب مفيد أو الدخول في دورة تدريبية عن بعد أو الدخول في قاعة للعصف الذهني أو الذهاب للمسجد وأداء صلاة الضحى بدلاً من هدم كل ماتم بناءه من حسنات وأعمال خلال سنوات ؟
في الصداقات واللقاءات والتواصل اليومي مع الاصدقاء أو الأقارب ينتهي الحديث أيضاً وينتهي معه كل شيء جميل لأن الحديث غالباً ما يأخذ طريقاً آخر بسبب السكوت وعدم وجود موضوع للتحدث والتواصل الذي هو الأجمل عندما نلتقي مع من نحب من أصدقاءنا أو أقاربنا وعندها يتغير المستوى في الحديث ويتغير معه الشوق للقاءات والتواصل الدائم لذلك كثرة اللقاءات تجعل الأحاديث في يوم ما تنقطع ويحل محلها الصمت أو البحث عن مواضيع تجعل مستوى الحديث متدني بسبب كثرة اللقاءات وعدم وجود شوق وشغف لهذه اللقاءات أو الحديث مع بعض وقد تنتهي بعض اللقاءات بالفشل بسبب عدم وجود مستوى من الحديث المميز أو المشوق وهكذا تكثر المشاكل وسوء الظن وقد تنتهي هذه اللقاءات بالفشل .
وهكذا هي الحياة الزوجية أيضاً تغير فيها مستوى الحديث من كلمات الحب والغرام وتربية الأبناء والحديث عن المستقبل إلى الحديث عن المشاهير والمشهورات وماذا فعل كل منهم اليوم وأحاديث المشاهير وعدد المتابعين والمتابعات والإعلانات اليومية والنهم في الشراء والإنشغال في الهواتف والحديث يكون عن الجديد لدى هؤلاء المعلنين وعن تأثيرهم على المجتمع وعند الاجتماع على الطعام يكون هذا هو الحديث وبالنسبة للأبناء يستخدمون أساليب المشاهير الذين يتابعونهم في التيك توك أو اليوتيوب وتقليدهم في كل أمر من أمورهم وعمل المقالب التي رأوها في هذه المواقع ولايوجد أي مجال للحديث الشيق أو المفيد أو الذي يبعث بالتفاؤل أو الذي يعم بفائدة على الجميع فأصبح الجميع ينقل حصيلته اليومية من هذه الأخبار ليتناقلها الجميع وهكذا في كل مكان يلتقي فيه الجميع وحتى فراش الزوجية ، وقد أعجبني أحد الأحبة عندما منع الحديث عن المشاهير في منزله سواءاً بخير أو شر وهذا ساعد في جعله يعمل لأبناءه وأسرته بعض الدروس الصغيرة المفيدة في مجالات مختلفة ورفع من مستواهم العقلي والفكري وجعلهم في تطور دائم بدلاً من البحث عن مواضيع للتحدث في الغير .
كثير من اللقاءات والأحاديث عندما تتوقف ويعم الجو بالهدوء يبدأ التفكير والبحث عن موضوع للحديث والبحث عن أفكار لإستمرار الحديث بأي طريقة كانت حتى لا ينتهي اللقاء لذلك أرى من وجهة نظري تقليل اللقاءات بدون سبب هام والبحث عن إدارة الوقت بالشكل الرائع في البحث عن أمور عملية من تبادل فوائد مهمة أو مسابقات أو عمل رياضة أو غير ذلك من أمور تجمع بالفائدة والمعرفة بدلاً من أن ينتهي الحديث.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق